الأربعاء، 26 يناير 2011

يوم الغضب يوحد المصريين وهتافاتهم


رضا السباعى
كثير من المتظاهرين نزلوا عفويا دون انتماء إلى تنظيمات أو أحزاب (الجزيرة نت)

محمود جمعة-القاهرة

بجرأة اخترق الصبيان حسام وأيمن وأختهما الصغرى راندا، صفوف المتظاهرين بشارع رمسيس بين دار القضاء العالي وميدان التحرير، أشهر نقطتي تجمع للمحتجين المصريين وسط القاهرة، غير عابئين بقنابل الغاز وهريّ الأمن.

ليس صغر السن فقط هو ما لفت انتباه الجميع إليهم، وإنما لافتة كتب عليها "نريد دواء لأبينا" رفعوها أربع ساعات قضوها وسط المعتصمين بالميدان ثم اضطروا إلى العودة إلى بيتهم لتأخر الوقت.

يقول أيمن (15 عاما) -وهو الأخ الأكبر- إن والده كان موظفا بشركة للقطاع العام باعتها الحكومة، وأصبح عاطلا بسبب مرض مزمن أنفق عليه مكافأة نهاية الخدمة بعد خروجه إلى المعاش المبكر.
ويضيف للجزيرة نت "تركت والدتي رفقة والدي في بيتنا في دار السلام (حي شعبي جنوب القاهرة) ونزلت مع إخوتي عندما قالوا لنا إن الناس سيخرجون ليقولوا مطالبهم للحكومة".
خمسة أشخاص قتلوا في اليومين الأولين من المظاهرات (الجزيرة نت)
وتابع "أنا مش عاوز غير علاج من الدولة لـ(مرض) حساسية الصدر الذي يعاني منه أبي، وأن يجدوا له أي عمل يستطيع القيام به... عمي هو الذي ينفق على البيت وتعليم إخوتي وأنا تركت الدراسة وأعمل منادي على سيارات ميكروباص".
احتجاج جديد
قصة أيمن وأسرته تشير إلى أن غالبية من خرجوا في "مظاهرات الغضب" كانوا من أصحاب المعاناة المعيشية، الذين قرروا الاحتجاج بعفوية في الشارع دون انتماء لتنظيم أو حزب سياسي معين، أو حتى نية مسبقة للتظاهر، وهو ما عكسه الإصرار اللافت للمحتجين على الاستمرار حتى الاستجابة لمطالبهم الملحة.


وكان لافتا الحضور المتنوع لشرائح شعبية غابت عن المشهد الاحتجاجي منذ بدء الحراك السياسي عام 2004، فكبار السن وطلاب المدارس الثانوية وأصحاب الأعمال الخاصة حضروا بقوة، وعززت قطاعات الشباب المتعلم بمستوياته الاجتماعية المختلفة مكانها بين المحتجين.

الأستاذ ربيع المرضي (وهو صاحب متجر لبيع الأدوات المنزلية بالعتبة) قال للجزيرة نت إنه أغلق محله وحضر وبصحبته عمال المتجر للتظاهرة بميدان الأوبرا المجاور لأنه "ملّ دفع الرشاوى لموظفي البلدية والضرائب الذين يبتزونه يوميا مقابل عدم تحرير مخالفات لمتجره".
وقال أحمد وهو بائع بالمتجر ذاته "أنا هنا لأقول "لأ" للإهانة".
وتابع "أنا خريج جامعي ومع ذلك عندما يستوقفني ضابط شرطة يبادر بشتمي بأمي وأبي لمجرد أني سألته لماذا يستوقفني ويقوم بتفتيشي".

وفي ميدان الساعة بمدينة نصر وهي منطقة راقية، وقف عبد الجليل همام وهو مدرس رياضيات رفقة نجله خالد (10 أعوام) يلوحان بعلم مصر ويهتفان "الحرية لكل مصري الحرية لكل إنسان".
وقال للجزيرة نت "هذه أول مرة أشارك بتظاهرة، لكن مشهد الشباب أمس (25 يناير) أفرحني وشعرت بأنني لست أقل منهم، وأتمنى أن ينزل الناس ويحتجوا بتحضر وعندما تمتلئ الشوارع بملايين المصريين سيستسلم النظام".
شعبية بامتياز
يقول المحلل السياسي الدكتور عمار علي حسن للجزيرة نت إن هذه الاحتجاجات خليط من المهنيين والشباب غير مألوف في الحركة الاحتجاجية، التي شكلت النخبة السياسية والثقافية ونشطاء المحامين والصحفيين والحقوقيين قوامها الأكبر، وانسحبت اليوم أمام شباب صغير السن من خلفيات فكرية متعددة وبعضهم بلا مرجعيات سوى المطالبة بالحرية، وهو ما أكد الطبيعة الشعبية لهذه الاحتجاجات.

وأكد أن "الجيل الجديد" من المحتجين المصريين يريد سقفا أعلى بكثير مما ارتضاه المحتجون التقليديون، وهو يرفع شعارا واحدا متفقا عليه يردده الجميع على اختلاف مستوياتهم المعيشية والتعليمية وهو "الشعب يريد إسقاط النظام"، وأشاد بـ"التعايش النفسي والعملي بين جموع المحتجين" رغم اختلافهم بين أميين ومتعلمين، وفقراء وأصحاب أعمال، وصبية وشباب وكهول.
ورأى أن "عفوية الانتفاضة" وعدم ارتباطها بتنظيمات وأحزاب تحركها وتضع أجندتها "زاد من ثمارها ونتائجها المدوية".
وقال إن التحركات التي يحكمها رأس "مدبر" قد تكون أكثر تنظيما، لكنها تصطدم بعوائق التنسيق أو دخول هذا "الرأس" في مساومات مع السلطة، و"عند وقت معين سيلتحم الرأس المدبر بهذا الجسد الثائر لتكتمل الانتفاضة المصرية".
وأشاد بغياب الهتافات واللافتات والرموز الحزبية والفئوية، وارتفاع شعارات عامة متفق عليها كالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، متوقعا اندماج قطاعات جديدة مع استمرار المظاهرات.
الجزيره نت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق